بينما واصل مؤشر الإيجارات الفعلية للمساكن، ارتفاعه بنسبة 10.3% في يوليو من العام الجاري، متأثراً بالزيادة التي طرأت على أسعار إيجارات الشقق بنسبة 21.1%، ودفعه لمؤشر التضخم السنوي للارتفاع؛ نظراً لوزنه الكبير في المؤشر والذي يبلغ 21.0 %، فند مختصون أسباب ارتفاع الإيجار، مطالبين بضرورة تنظيم السوق وإعادة النظر ببعض أنظمة البناء التي ساهمت بشح المعروض.
وعزا المحلل الاقتصادي عبدالحميد العمري أسباب ارتفاع إيجارات العقارات إلى نقص المعروض وارتفاع أسعار العقارات خلال السنوات القليلة الماضية.
وأكد العمري خلال حديثه لـ”أخبار 24″، إلى أن ملاك العقار يرون أسعار العقار في ارتفاع، وهم يبحثون عن لحاق موجة الارتفاع لكي ترتفع العوائد بالنسبة لهم، فمثلاً العقارات التي تم شراؤها قبل عشر سنوات كعقارات مدرة تم شراؤها قبل عشر سنوات ليكون العائد على الإيجار خمسة إلى ثمانية في المئة، وعندما يشتري بالأسعار الراهنة يبحث عن عائد يقابل هذا الارتفاع الذي يشهده العقار حالياً.
وأضاف أن من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع إيجار العقارات “زيادة أعداد السكان”، خاصة مع زيادة الأجانب الذين دخلوا على السعودية خلال السنتين الماضيتين مع النمو الاقتصادي والطفرة التي شهدتها المملكة، وذلك أدى إلى زيادة الطلب على الإيجار أو الوحدات السكنية وخاصة الشقق، حيث تركز الارتفاع في جدة بالدرجة الأولى، والرياض بالدرجة الثانية، بالإضافة إلى مدينتي أبها وحائل نتيجة الاستثمارات السياحية.
ولفت العمري إلى لحاق بعض المدن بموجة ارتفاع إيجارات العقارات على الرغم من عدم وجود عوامل أو أسباب للارتفاع، وهذه ممكن تسميتها بـ “العدوى المالية” أو “العدوى العقارية”؛ أي أنه عندما ترتفع الإيجارات في مدينة ماء ترتفع في باقي المدن.
وتابع “يجب تنظيم سوق الإيجارات والذي يعتبر سوقاً كبيراً يصل حجمه إلى مئات المليارات، وكان من المفترض أنه يكون هناك تنظيم للإيجارات وإيجاد توازن بحيث تكون أسعار الإيجارات مناسبة، ولا تفقد الجاذبية، وكذلك لا تؤثر على الاستقرار الاقتصادي، أو تضر بالمستثمرين الصغار خاصة، فكثير من المحلات المتوسطة والناشئة أوقفت نشاطها بسبب ارتفاع الإيجارات الحادة بالنسبة لهم”.
وشدد العمري على ضرورة تعاضد الجهات المعنية لإقرار تنظيم ينظم سوق الإيجارات، وهذا معمول فيه في 58 دولة بالعالم والتي لديها تنظيمات لسوق الإيجارات، فكثير من المستثمرين في قطاع التجزئة وقطاع الخدمات يرفعون الأسعار بسبب ارتفاع تكلفة الإيجارات التي وصلت إلى 100% و200% في بعض المدن.
وفيما يتعلق بالمستهلك اعتبر العمري أن ارتفاع تكلفة الإيجارات يؤدي إلى زيادة نسبة الاستقطاع من دخل المستهلك وتؤثر على قوته الشرائية والطلب الاستهلاكي عنده، كما تؤثر أيضاً على استقراره المعيشي بشكل كامل، مشدداً على أنه لا يقف تأثير ارتفاعات الإيجارات على المستهلك فقط بل إن ارتفاع التكلفة يؤثر على جاذبية الاستثمار في القطاع، ويقلص من حظوظ الاستثمارات الأجنبية، وتدفقها، ويدفع من دخل إلى السوق حديثاً أو كان مستثمراً في السابق إلى رفع أسعار منتجاته وخدماته وبضائعه، ليتمكن من مقابلة الارتفاع في التكلفة، وبذلك سينعكس الارتفاع أيضاً في التضخم، وهي ضربة ثانية للمستهلك، بحيث لم يتوقف الارتفاع عند الإيجارات بل ارتفعت عليه بعد تكلفة الطعام والملبس والإنفاق المعيشي.
بدوره أرجع الرئيس التنفيذي لشركة إفادة العقارية خالد محمد الدمخ في تصريح لـ”أخبار 24″، ارتفاع الإيجارات إلى تغير أنظمة البناء حيث لم يعد مسموحاً بناء وحدات سكنية متعددة بدرج منفصل، أو السماح بتركيب أكثر من عداد كهرباء، حيث يقتصر على عداد كهرباء واحد للوحدة السكنية.
ومضى يقول “في السابق كان بالإمكان بناء دور وشقتين وشقة في السطح، أما الآن لم يعد مسموحاً بذلك ويجب أن تكون فيلا كاملة وعداد واحد، بينما كان في السابق يسمح بأكثر من عداد لكل دور على حدة، كما أن أنظمة البناء ساهمت برفع تكلفة بناء العمائر السكنية”.
وأشار الدمخ إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة من ضمن أسباب ارتفاع الإيجارات، حيث أثر على تحرك المستثمرين في شراء الأراضي التجارية لبناء العمائر السكنية؛ مما أدى لانخفاض المردود المادي، وتحول بعض المستثمرين من الاستثمار في العقارات السكنية إلى ودائع البنوك والتي تعطي مردوداً أكبر وسهولة في استعادة رأس المال مقارنة مع العقارات، وذلك تسبب بشح العقارات المعروضة للإيجار في السوق، بالإضافة إلى زيادة أعداد السكان في بعض المدن كالرياض ودخول شركات كبيرة معها آلاف من الموظفين مما أدى إلى زيادة الطلب وارتفاع الإيجارات.