برموز تجسد انتماءنا جاء شعار يوم التأسيس انعكاسًا لهويتنا وثرائنا التاريخي الممتد لعصور شهدت بطولات وانتصارات كان الفخر والقوة عنوانها ونتاجها، فالشعار الممثل ليوم التأسيس شكل بتناغم خمسة عناصر جوهرية وهي العلم السعودي والنخلة والصقر والخيل العربية والسوق.
رمزية العلم.. انتماء وعطاء
الوحدة الوطنية والانتماء هي دلالات العلم الموجود في شعار التأسيس، فوجود العلم يعد انعكاسًا لقصص المعارك والبطولات التي شهدها أبطالنا المؤسسين المحافظين على وطننا وهويتنا العريقة.
وقد مر العلم السعودي بعدة مراحل حتى وصل إلى شكله الحالي، وكانت أولى مراحله في عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود، وكان علمًا أخضر مشغولًا من الخز والإبريسم، ويكون جزؤه القريب من الحامل أبيض، واللون الأخضر يرمز إلى النماء والعطاء والرخاء، وتتوسطه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وقد استمر هذا العلم حتى الدولة السعودية الثانية.
شكل النخلة.. انعكاس الكرم والضيافة
تعتبر النخلة رمزًا هامًا للمملكة وتحظى بمكانة خاصة في ثقافتها وثراها، كما ترمز للكرم والضيافة السعودية الممتدة، كما أن عطاءها ساهم في مد أجدادنا وآبائنا من سعفها وجريدها وجذوعها ليصنعوا كثيراً من المستلزمات الضرورية لمعيشتهم، “كالمَنسف” و”الحصرية” و”المهفة” و”السفرة” و”المبرد” و”الزنابيل” و”السلال” و”القفاف” وغيرها، و يؤدي النخل دورًا هامًا في الحفاظ على التنوع الحيوي والبيئة باعتبارها تعمل على حماية التربة والحفاظ على توازن النظام البيئي في المناطق الصحراوية.
ويمثل التمر مصدرًا رئيسيًا للغذاء والدخل الاقتصادي للعديد من الأسر السعودية، ويتم تصديره أيضًا إلى العديد من البلدان الأخرى، كما تعتبر النخلة جزءًا لا يتجزأ من التصميم العمراني التقليدي للمدن والقرى في السعودية. ويمكن رؤية الأشجار المورقة وأغصان النخيل في المناظر الحضرية والريفية، وتعكس هذه الرؤية الروح الأصيلة للمكان وتاريخه. كما أن النخلة تمثل الاستدامة والثقافة والتاريخ والتراث الزراعي للمملكة العربية السعودية.
الخيل العربية.. رمز للشجاعة والفخر
يعد الخيل رمزًا مهمًا للثقافة والتراث السعودي، ويعود تاريخ تربية الخيول في المملكة إلى قرون عدة، وقد ارتبطت الخيول بالحضارة العربية القديمة وأسلوب الحياة التقليدي في الصحراء.
ويذكر ابن بشر في كتابه “عنوان المجد في تاريخ نجد”: “أن الإمام سعود بن عبدالعزيز كان يملك في مرابطه ألفاً وأربعمائة فرس، هذا غير الذي يملكه أبناؤه وأتباعه”.
وخلد المؤرخون والشعراء أسماءها وسلالاتها وفرسانها وأوصافها وأفعالها، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر، حيث حرص الأئمة على اقتناء الخيل واحتكار بعض أنواعها، وهو ما أعطاها قيمة معنوية ومادية أكثر من ذي قبل، وتمتلك المملكة سلالات خيول مرموقة مثل العربية الأصيلة، وتعتبر السعودية مرجعًا رئيسيًا في تربية وتطوير الخيل العربية، وتقام العديد من الأحداث والمعارض والسباقات الخاصة بالخيل في المملكة.
الصقر.. مرافق الأمجاد ومصلح الخلافات
اتخذ الصقر مكانة كبيرة لدى أبناء المملكة وذلك منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل أكثر من ثلاثة قرون حتى وقتنا الحاضر، ولعب الصقر دورًا عبر مسيرة التأسيس كعامل اقتصادي في التجارة، وكهواية ارتبطت بالعرب منذ القدم.
وتعد “الصقارة” وهي فن الصيد بالصقور رياضة تقليدية تمارس وتعلم من جيل إلى جيل، كما تعتبر هواية شهيرة في مجتمع الجزيرة العربية وهي أحد أصناف علم “البيزرة” المعروفة في التراث العربي وكان أفضل أنواع الصقور التي كان لها شعبية كبيرة “الحر” و”الشاهين” و”الوكري” وكل أنواع الصقور تأتي مهاجرة إلى الجزيرة العربية، حيث تصاد فيها أو يؤتى بها مستوردة من مواطنها الأصلية، وذلك فيما عدا “الوكري” و”شاهين الجبل” المتوطنة في الجزيرة العربية. وخلال فترة الدولة السعودية الأولى، كانت الصقور من الهدايا التي تهدى بين شيوخ القبائل رمزاً للصلح في حال الخلافات بينهم.
السوق.. يعكس حالة الرخاء وازدهار التجارة
اشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة، في نجد والحجاز وتهامة، وكانت الأسواق فيها تسمى المَوسِم وكان كثير من مواطني الدولة السعودية الأولى يعملون في مهنة التجارة التي تمثل موردًا أساسيًا لأهالي البلاد إلى جانب الزراعة والفلاحة.
وشهدت الدولة السـعودية الأولى في عهد أئمتها أكبر اتساعها الجغرافي والسياسي وبلغت أقصى قوتها ومجدها، وفي ذات السياق يذكر أن السكان كانوا متعددي مصادر الدخل الأمر الذي انعكس على الأسواق التجارية والقصور السكنية والرقع الزراعية، كما نتج عـن ذلك تمتع الناس في الدرعية بحياة اقتصادية جيدة.