
شرعت المملكة في جهود تهدف لتوفير بيئات آمنة وغنية بالعناصر الحيوية التي تحتاجها الطيور المهاجرة في أثناء توقفها، بما يشمل الغذاء، والماء، والغطاء النباتي؛ مما يعزز فرص بقائها واستمرار رحلتها الموسمية بسلام.
وأثمرت هذه الجهود اعترافًا دوليًّا، تُوِّج بحصول المملكة على الجائزة العالمية للريادة في حماية الأنواع المهاجرة، وهي شهادة عالمية تُضاف إلى سجل إنجازاتها البيئية، وتعكس فاعلية ما أنجز من إصلاحات وتشريعات وتوعية، خاصة أن هذه البيئات تُعَدّ خطوط دعم حيوية في شبكة الهجرة العالمية، وتُسهم في استقرار التوازن البيئي محليًّا وعالميًّا.
يمر في سماء المملكة أكثر من 550 نوعًا من الطيور
ويمر في سماء المملكة أكثر من 550 نوعًا من الطيور قد رُصدت داخل حدودها، من بينها 280 نوعًا مهاجرًا، تتقاطع في مساراتها على امتداد الحدود والمحيطات الداخلية.
وتمضي هذه الطيور في طريقها من أوروبا وآسيا نحو أفريقيا، أو بالعكس، وتتوقف في أراضي المملكة طلبًا للغذاء والراحة والتكاثر المؤقت، مستفيدة من التنوع الهائل في بيئاتها الطبيعية، من السهول الباردة في الشمال، إلى الكثبان الرملية في الوسط، وحتى المرتفعات الشاهقة في الجنوب وأشجار المانجروف والسبخات على السواحل.
وانطلقت المملكة نحو بناء منظومة حماية شاملة تقوم على ركيزتَي المعرفة والتشريع، من خلال التعاون مع منظمات عالمية متخصصة، على رأسها “بيرد لايف إنترناشيونال”، كما تبنّت المملكة دورًا رياديًّا على المستوى الإقليمي، إذ أسهمت في تأسيس فريق عمل مختص بمكافحة الصيد غير المشروع للطيور المهاجرة في جنوب غرب آسيا، ضمن إطار اتفاقية حماية الأنواع المهاجرة “CMS”.
وضمن جهود المملكة، استضافت الرياض أولى اجتماعات هذا الفريق، لتؤكد التزامها العالمي بحماية الحياة الفطرية، ولتضع بذلك نفسها في طليعة الدول التي توازن بين التنمية والبقاء البيئي.
وبدأت المملكة بناء خرائط علمية دقيقة لمسارات الطيور، ورصد سلوكها عبر الأقمار الصناعية، وتوثيق محطات توقفها الكبرى، وأفضى هذا التعاون إلى إطلاق ورش عمل تقنية لرصد الانتهاكات البيئية، وتطوير أدوات رقمية حديثة لكشف الصيد غير المشروع وتحديد هوية مرتكبيه.
وفي هذا الصدد، يؤكد المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أن من أشهر الطيور المهاجرة المهددة بالانقراض التي تمر بأجواء المملكة طائر “القمري الأوروبي” وطائر الحبارى، كما تشمل القائمة عددًا من الأنواع الأخرى اللافتة، من أبرزها “الوروار الأوروبي”، وبلشون الليل، والنحام، والكروان الأوراسي.
وأشار المركز إلى أن هذه الطيور وغيرها تسلك طرقًا محددة تمتد بمحاذاة السواحل والجبال وتتجنب الصحاري المفتوحة، مستفيدة من امتلاكها لأجنحة قوية وأجسام خفيفة تساعدها في تقليل جهد الطيران لمسافات طويلة.
أما على الصعيد الوطني، أطلق المركز موسمًا رسميًّا للصيد وفق ضوابط دقيقة وفترات زمنية محددة، وأتاح إصدار رخص إلكترونية تُمنح بأعداد مقنّنة لكل نوع، بما يضمن عدم تجاوز القدرة البيئية على التعافي.
وشملت الإجراءات المصاحبة تطوير تنظيم موسم الصيد ومتابعة تطبيقه وفقًا لنظام البيئة ولائحته التنفيذية، وإنفاذ القوانين البيئية من خلال فرق التفتيش التابعة للمركز بالتعاون مع القوات الخاصة للأمن البيئي، إلى جانب تركيب عوازل على خطوط الكهرباء ذات الجهد المتوسط الواقعة على مسارات هجرة الطيور، وأتمتة جميع الإجراءات المتعلقة بموسم الصيد عبر منصة “فطري”، لتيسير الخدمة وضمان الالتزام بالأنظمة.