أخبار

الصمعاني: “الفراغ التشريعي” قد يكون مقصودًا

أكد وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، خلال كلمته في المؤتمر السعودي للقانون 2025 تحت شعار “التكنولوجيا والاستدامة”، اليوم (الأحد)، أن المملكة تشهد تحولات قانونية وتنموية غير مسبوقة بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مشيرًا إلى أن هذه التحولات لا تقتصر على تحديث القوانين بل تشمل عملية تطوير شاملة تسهم في تعزيز العدالة وتحفيز الابتكار ودعم التنمية.

 

وزير العدل: نظام المعاملات المدنية عزز مبدأ “اليقين القانوني”

وقال الصمعاني إن منهجية التشريع في المملكة انتقلت إلى مرحلة أكثر وضوحًا وشفافية؛ إذ أصبحت الجهات الإدارية ملزمة بطرح مشروعات الأنظمة عبر منصة عامة لإبداء الرأي، بما يتيح مشاركة المجتمع والمتخصصين القانونيين في صياغة التشريعات، مبينًا أن هذه المشاركة أسهمت في رفع جودة القوانين والتنبؤ بالتحديات التي قد تواجه تطبيقها.

وشدد على أن مصطلح “الفراغ التشريعي” يجب التعامل معه بدقة، موضحًا أن ترك بعض المسائل دون تنظيم قد يكون متعمدًا لإتاحة الفرصة لنضوجها قبل التدخل بالتشريع، الأمر الذي يفتح المجال أمام الابتكار والنمو دون قيود مبكرة، وفي هذه الحالة هو ليس فراغًا بل “تشريع بذاته”.

وتناول الوزير أبرز مراحل تطور التشريع في المملكة، موضحًا أنها بدأت بندرة تشريعية ثم شهدت تزايدًا ونموًا حتى وصلت اليوم إلى مرحلة النضج والاكتمال النسبي، حيث صدرت ثلاثة من أهم التشريعات الأساسية: نظام الإثبات، نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، وهي أنظمة شكلت ركيزة رئيسية في ضمان وضوح الحقوق القانونية وتيسير الوصول إليها.

وبيّن أن نظام المعاملات المدنية على سبيل المثال عزز مبدأ “اليقين القانوني”، بحيث يتمكن كل صاحب حق من التنبؤ بمصير حقه حتى في حالات النزاع.

وأوضح أن وزارة العدل بدأت بإصدار شروح تفصيلية للأنظمة الرئيسة، بدءًا من نظام الإثبات ثم الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية؛ بهدف تعزيز الفهم القانوني وضمان تطبيق أكثر سلاسة ووضوحًا.

ولفت إلى أن التشريعات السعودية راعت التيسير الإجرائي، حيث لا يتم إقرار أي إجراء إلا لضرورة، وهو ما انعكس في التطبيقات التقنية الحكومية التي بنيت على “هندسة إجرائية” واضحة تبدأ من الإجراء وتنتهي به، مبينًا أن التشريعات الإجرائية، كنظام الإثبات، ركزت على مبدأ سلاسة وسهولة الإجراء ووضوحه وعدم تعقيده، وهو أمر ضروري لدعم التنمية والابتكار.

وفي جانب التأهيل، كشف الوزير عن إطلاق دبلومات تدريبية متخصصة للقضاة والمحامين والباحثين القانونيين، مبينًا أن 700 قاضٍ من مختلف درجات السلك القضائي – بدءًا من أعضاء المحكمة العليا – التحقوا بدبلوم القانون الجنائي في مركز التدريب العدلي، إضافة إلى أكثر من 900 قاضٍ في دبلوم القانون المدني الذي أطلق الأسبوع الجاري، مؤكدًا أن هذه البرامج تهدف إلى تعزيز المعرفة المستمرة، والتواصل العلمي بين الممارسين القانونيين، بما يضمن جودة القرارات القضائية وصحة الفتاوى القانونية.

الصمعاني: الاستناد إلى الذكاء الاصطناعي لا يعفي الشخص من المسؤولية

وحول الذكاء الاصطناعي، شدد الصمعاني على أهمية توخي الحذر من التسرع في التشريع الموضوعي لهذا المجال تحديدًا، كونه لا يزال في بداياته ولم تنضج بعد كل المسائل المحيطة به من كل الجوانب.

وأوضح الوزير أن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي هي مسار مطروح ومفروض على الجميع، ولكن ينبغي اعتباره حاليًا كأحد مكونات أو مدخلات القرار وليس بديلاً عن صانعه، مشددًا على أن “المسؤولية لا تزال ولن تزال وسوف تظل إلى الأبد هي مسؤولية متعلقة بالجانب الشخصي”.

وخلص إلى أن الاستناد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لن يعفي الشخص من المسؤولية، سواء كان كيانًا معنويًا أو مهنيًا عاديًا، وأن الأدوات التشريعية في المملكة داعمة لهذا التوجه، في حين أن التدخل التشريعي يمكن أن يكون في الجانب الإجرائي لدعم العملية وليس في الجانب الموضوعي بشكل مبكر.

واختتم الوزير بالتأكيد على أن العنصر البشري يظل الأساس في نجاح المنظومة القانونية، لكن القيادة المؤسسية تسهم في تقليل الأخطاء عبر تنويع الخبرات وتعدد درجات التقاضي، كما شدد على أن القانون بطبيعته يتطلب فهمًا عميقًا وشاملًا لا يقتصر على مادة واحدة، وإنما يراعي ترابط النصوص وغايته العامة.