أحدث العروض والتخفيضات

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان. 20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها. قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر. نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان.

20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها.

قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر.

نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

 

خلفية ما قبل القضية: ولد حميدان علي التركي ونشأ في السعودية، وسافر مع أسرته عام 1995 إلى الولايات المتحدة في بعثة أكاديمية من جامعة الإمام محمد بن سعود لتحضير الدراسات العليا في اللغويات

 . استقر في ولاية كولورادو حيث حصل على درجة الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة دنفر، وكان يستعد لنيل درجة الدكتوراه

 

الاعتقال وتوجيه التهم (2004-2005): بدأت قضية حميدان التركي أواخر عام 2004 عندما اعتُقل لأول مرة مع زوجته سارة الخنيزان بتهمة مخالفة أنظمة الإقامة والهجرة

 

. ثم في 2 يونيو 2005 اعتُقل مجددًا، وهذه المرة وُجّهت إليه تهم جنائية خطيرة تتعلق بسوء معاملة خادمته المنزلية (إندونيسية الجنسية) واحتجازها في منزله مع مصادرة جواز سفرها وأوراقها الثبوتية

 

. لاحقًا وُجّهت إليه تهمة التحرش الجنسي بالخادمة وسرقة أموالها عبر عدم دفع أجرها الشهري طيلة سنوات عملها

 

، بالإضافة إلى الاختطاف من الدرجة الأولى بدعوى منعها من مغادرة منزله لمدة أربع سنوات متواصلة

 

. أنكر التركي هذه الاتهامات منذ البداية، موضحًا أن احتفاظه براتب الخادمة كان بناءً على طلبها لتوفيره وإرساله لعائلتها، وأن احتفاظه بوثائقها وتأخير تجديد إقامتها كان بدافع حمايتها وليس إجبارًا.

 

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان. 20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها. قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر. نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

 

مجريات المحاكمة والإدانة (2006): قُدّم حميدان التركي للمحاكمة أمام محكمة مقاطعة أراباهو في ولاية كولورادو. خلال المحاكمة استمعت هيئة المحلفين لشهادة الخادمة حول ما تعرضت له، في حين تمسك الدفاع ببراءة التركي وقدم مبرراته لسلوكه تجاه الخادمة. في نهاية أغسطس 2006 أصدرت المحكمة حكمها بإدانة حميدان التركي بتهم متعددة، من أبرزها الاختطاف من الدرجة الأولى والتحرش الجنسي والإساءة لخادمته وإجبارها على العمل دون دفع أجرها

 

. وفي 31 أغسطس 2006 حُكم عليه بالسجن لمدة 28 عامًا في سجون ولاية كولورادو عقابًا على تلك الجرائم

 

، حيث اعتبرت المحكمة أن التركي احتجز خادمته قسرًا وصادر وثائقها الرسمية ومنعها من حريتها طيلة سنوات عملها لديه

 

ردة فعل التركي على الحكم: بعد صدور الحكم نُقل حميدان التركي إلى سجن لايمن شديد الحراسة في ولاية كولورادو لقضاء العقوبة الطويلة

 

. ظل التركي خلال هذه الفترة يؤكد براءته وينفي ارتكاب أي جرم، مصرّحًا أنه وقع ضحية استهداف وتمييز بسبب دينه الإسلامي لكونه سعوديًّا جاء للدراسة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001

 

. وقد أثار الحكم غضبًا واستياءً لدى أسرته ومناصريه في السعودية، الذين اعتبروه حكمًا قاسيًا وظالمًا

 

الاستئناف ومحاولة تخفيف العقوبة: سلك فريق الدفاع جميع مسارات الاستئناف القانونية الممكنة للطعن في الحكم. قُدّم استئناف إلى محكمة كولورادو للاستئناف ثم إلى المحكمة العليا في الولايات المتحدة، لكن جميعها قوبلت بالرفض. وفي أبريل 2010 رفضت المحكمة العليا الأمريكية النظر في طعن التركي وأبقت على إدانته وحكمه

 ، ما يعني استنفاد الخيارات القضائية التقليدية حينها 

. بدا أن التركي سيقضي عقوبته كاملة، لكن في عام 2011 حدث تطور مفصلي غير مجرى القضية.

 

تخفيف الحكم إلى 8 سنوات (2011): أعادت محكمة مقاطعة أراباهو النظر في قضية حميدان التركي مطلع عام 2011 بعدما قدّم محامو الدفاع التماسًا جديدًا تضمن اكتشاف خطأ قانوني فادح في حكم الـ28 عامًا

 

. وأشار الالتماس أيضًا إلى السجل الجيد للتركي في السجن وشهادة مسؤولي السجن عن حسن سلوكه وتأثيره الإيجابي على زملائه

 

 في فبراير 2011 وافق قاضي المحكمة على تخفيف الحكم بشكل كبير، حيث أصدر قرارًا بإعادة الحكم بسجن التركي 8 سنوات فقط بدلًا من 28 

. جاء هذا التخفيض اللافت بعد تنازل الضحية (الخادمة) عن حقوقها المدنية في القضية مقابل تسوية مالية، واتفاق كل من الادعاء العام ومحامي الدفاع على أن الحكم السابق كان قاسيًا وغير متناسب قانونيًا

 

. وبهذا أصبح الحكم الجديد في صيغة “ثماني سنوات إلى السجن المؤبد”؛ أي أن التركي ينبغي أن يقضي على الأقل 8 سنوات، ثم يكون بعدها خاضعًا لمراجعات دورية ويمكن أن يستمر سجنه مدى الحياة إذا رُفضت طلبات الإفراج المشروط 

. وبما أن التركي كان قد أمضى بالفعل قرابة 6 سنوات وقتها، فقد أصبح مؤهلًا للتقدم بطلب الإفراج المشروط قريبًا وفق القانون الجديد..

 

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان. 20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها. قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر. نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

 

مساعي الإفراج المشروط ونقل السجن (2013-2016): مع اقتراب انتهاء الحد الأدنى من العقوبة بعد التخفيض، بدأت جهود حثيثة لإطلاق سراح حميدان التركي أو نقله إلى السعودية. في عام 2013 قدّم التركي طلبًا لنقله إلى المملكة لإكمال بقية محكوميته هناك، وحصل على موافقة أولية على نقله ضمن برنامج لتبادل السجناء 

. إلا أن هذه الخطوة أُحبطت في اللحظات الأخيرة؛ إذ ادعى مسؤولون في ولاية كولورادو ومكتب التحقيقات الفيدرالي أن حميدان التركي يشكل خطرًا أمنيًا بزعم امتلاكه “صلات إرهابية”

 اعتبر التركي أن هذه التهمة ملفقة بهدف إبقائه سجينًا، فقام برفع دعوى قضائية ضد عدد من مسؤولي الادعاء ومكتب التحقيقات يتهمهم فيها بالتآمر عليه وتقديم مزاعم كاذبة لتعطيل نقله

 

وفي أوائل عام 2014 تلقى التركي ضربة جديدة حين رفض قاضي محكمة مقاطعة أراباهو طلب الإفراج عنه ونقله إلى السعودية، بحجة أن القانون في ولاية كولورادو لا يمنحه صلاحية الموافقة على نقل السجين أو الإفراج عنه قبل انتهاء العقوبة القصوى.

وجاء هذا القرار رغم تعهد رسمي من السفارة السعودية في واشنطن بتنفيذ بقية العقوبة في حالة نقل التركي إلى سجون المملكة وعدم منحه أي عفو خاص 

وهكذا بقي حميدان التركي مسجونًا في الولايات المتحدة، وانتقل في تلك الفترة بين عدة سجون (بينها سجن فيدرالي وضع فيه لفترة) وسط مخاوف على وضعه الصحي وسلامته الشخصية داخل السجن.

جلسات الإفراج المشروط المتكررة (2017-2022): ابتداءً من عام 2015 تقريبًا، أصبح لحميدان التركي حق قانوني في طلب الإفراج المشروط بشكل دوري. عُقدت على مدى السنوات اللاحقة عدة جلسات أمام لجنة الإفراج المشروط للنظر في قضيته، إلا أن القرارات لم تكن تصب في صالحه. في عام 2016 وعام 2017 مثُل التركي أمام اللجنة، وفي 2017 تحديدًا قررت اللجنة رفض طلب الإفراج المشروط عنه مع تحديد موعد إعادة نظر بعد سنة

 تكرر الأمر عام 2018 حيث أُجّلت المراجعة إلى العام التالي، وفي مايو 2019 اجتمعت اللجنة مرة أخرى لكنها أرجأت البتّ في الإفراج لمدة عام إضافي

 جاء عام 2020 وعُقدت جلسة جديدة انتهت برفض الإفراج، ثم تلتها جلسة عام 2021 التي قوبل فيها طلبه بالرفض كذلك مع تأجيل النظر لعام آخر

 خلال هذه الجلسات، حضر ممثلو السفارة السعودية في واشنطن لدعم طلب الإفراج وقدموا مداخلات إيجابية

كما سمح لبعض أفراد أسرته بحضور الجلسات عبر اتصال مرئي. في أغسطس 2022 مثُل حميدان التركي مجددًا أمام لجنة الإفراج المشروط في واحدة من أقوى محاولاته القانونية للإفراج

 في تلك الجلسة أشاد ممثل اللجنة بسجل التركي الأخلاقي والإنضباطي المتميز خلال أكثر من 16 عامًا قضاها بالسجن

، وأبدى انبهاره بالدعم الكبير الذي يحظى به من أسرته وحكومته ومجتمعه

 وقد تحدث التركي بنفسه أمام اللجنة بحماس وألم عن معاناته الشخصية وكيف أنه قضى ثلاث أضعاف الحد الأدنى من عقوبته، وروى بحسرة كيف اضطر للاحتفال بزفاف ابنته وهو خلف القضبان

 ورغم هذا التعاطف، قررت اللجنة في 2022 عدم إصدار قرار نهائي فورًا؛ حيث تم تأجيل الحكم النهائي لمزيد من المداولات والدراسة بين أعضاء اللجنة

 وهكذا استمر احتجاز التركي، وظل أمله معلقًا على جلسات لاحقة أو تحرك قانوني آخر يُنهي معاناته.…

 

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان. 20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها. قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر. نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

 

التفاعل الشعبي والإعلامي مع القضية: حظيت قضية حميدان التركي باهتمام واسع في المملكة العربية السعودية منذ بدايتها، وتحوّلت إلى قضية رأي عام تتابعها وسائل الإعلام المحلية وتتناقل أخبارها منصات التواصل الاجتماعي. عبّر الكثير من السعوديين عن تعاطفهم مع التركي وتشكيكهم في عدالة المحاكمة، خاصة في ظل تأكيده المستمر على براءته. شهدت المنصات الإلكترونية حملات ودعوات لإطلاق سراحه، وكان وسم #حميدان_التركي يتصدر التغريدات في تويتر مع كل تطور جديد في قضيته

خلال إحدى جلسات إعادة النظر في الحكم عام 2014 مثلاً، امتلأ تويتر بالدعوات والابتهالات من مغردين سعوديين يطالبون بتخفيف الحكم عنه وإطلاق سراحه

 ، وكان من بينهم شخصيات معروفة كالدعاة والإعلاميين. كما برزت حملة شعبية بعنوان “أوباما أطلق حميدان” (Obama Free Homaidan) توجهت برسالة إلى الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما لحثه على التدخل والإفراج عن التركي 

 أنتج القائمون على الحملة فيلماً قصيراً بهذا العنوان شارك فيه شخصيات سعودية بارزة وابنة حميدان التركي (رُبى) لإيصال مناشدة إنسانية للإفراج عنه 

حقق الفيلم انتشارًا واسعًا ووصلت مشاهداته إلى مئات الآلاف في الأسبوع الأول من إطلاقه، كما عرضته قنوات تلفزيونية عربية وغربية عديدة وحتى تلفزيون ولاية كولورادو المحلي 

هذا الزخم الإعلامي والشعبي حافظ على قضية حميدان التركي حيّة في الذاكرة الجماعية، وشكّل ضغطًا معنوياً مستمرًا من أجل إيجاد حل لمعاناته.

 

قصة حميدان التركي: من طالب علم إلى خلف القضبان. 20 عامًا في سجون أمريكا بتهم يراها كثيرون ملفقة، وهدفها الحقيقي ليس العدالة… بل العقيدة التي يحملها. قضية لم تكن محاكمة فقط، بل صراعًا بعد 11 سبتمبر. نسرد لكم القصة من أول استدعاء إلى آخر حكم صدر اليوم

 

 

الحكم الأخير والإفراج (2023-2025): بعد سلسلة طويلة من المحاولات القانونية، جاءت أحدث التطورات لصالح حميدان التركي أخيرًا. فقد قررت السلطات القضائية في ولاية كولورادو الإفراج عن حميدان التركي بعد أن قضى قرابة عشرين عامًا خلف القضبان

 جاء هذا القرار الحاسم إثر جلسات مطوّلة استمرت لعدة أيام، ناقشت فيها المحكمة إعادة النظر في الحكم الصادر عام 2006 وإمكانية نقضه

وبحلول عام 2023 كانت لجنة الإفراج المشروط قد أوصت بالإفراج عنه تمهيدًا لترحيله إلى السعودية، وهو ما تأكد رسميًا في مطلع مايو 2025

 

 في يوم الجمعة 9 مايو 2025 أُعلن إطلاق سراح حميدان التركي من سجون ولاية كولورادو، وتم تسليمه إلى دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية لوضعه قيد الترحيل إلى المملكة

 وبذلك أسدل الستار على قصة حميدان التركي مع النظام القضائي الأمريكي. خرج التركي من سجنه وهو في أواخر الخمسينات من عمره، بانتظار عودته إلى وطنه وأسرته بعدما أمضى سنوات طويلة خلف القضبان. لقد كانت رحلة قانونية وإنسانية شاقة امتدت لعقدين من الزمن، تخللتها لحظات أمل ويأس، إلى أن انتهت أخيرًا بعودة التركي إلى الحرية وبدء فصل جديد من حياته