تضمّن الدليل الاسترشادي لحوكمة الجهات العامة المعتمد مؤخراً من مجلس الوزراء، عدداً من الأهداف والمبادئ والمسؤوليات التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات وتنفيذها، بما يوفر التوجه الاستراتيجي للجهات، ويضمن تحقيق أهدافها، وإدارة مخاطرها، واستخدام مواردها للحفاظ على قيم الدولة عند مواجهة التحديات والتغيرات.
يهدف لتعزيز قدرة الجهة على أداء المهمات
واستعرض الدليل الإرشادي أبرز 8 أهداف الحوكمة في الجهات العامة، وتشمل تعزيز القدرة على أداء المهمات، وتحقيق الأهداف بما يتواءم مع السياسات العامة والأهداف الوطنية، وتعزيز ثقة المتعاملين معها وحماية حقوقهم، وتعزيز الرقابة وتفعيلها، وسن الضوابط والأنظمة الداخلية للجهة، وضمان الإفصاح والشفافية والعدالة والمساءلة والالتزام.
كما تضمّنت الأهداف التي ساقها الدليل، تعزيز مبدأ الاستدامة في أعمال الجهة بما يحقق الأهداف الوطنية، وتعزيز كفاءة وفاعلية أداء الإدارة الإشرافية في الجهة، ووضع معايير مهنية لتقييم أداء الجهة ومخرجاتها، وتحديد أدوار وصلاحيات الإدارة الإشرافية والإدارة التنفيذية، تحديداً دقيقاً يكفل الفصل بين المهمات والصلاحيات والمسؤوليات.
فيما تتمثل مبادئ الحوكمة، في تأدية الجهات لأعمالها وفق الأنظمة والتعليمات، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تمنع وقوع التعسّف أو سوء استخدام السلطة من قبل أصحاب الصلاحية، وتوثيق القرارات والسياسات الداخلية، وضمان التزام منسوبي الجهات العامة بأخلاقيات العمل وقيم النزاهة والأمانة وقيم تعزز سلوك الأمانة والنزاهة، واتخاذ القرارات والإجراءات بالطريقة التي تحقق المصلحة العامة، مع وجود سياسات وإجراءات تكفل اتخاذ اللازم عند وجود حالة عدم التزام.
وتشمل أيضاً مبدأ الرقابة والمساءلة، لضمان قدرة الجهة العامة على تطبيق مختلف أشكال الرقابة والرصد والمتابعة على أعمال منسوبيها، وخضوع الجهة العامة للرقابة الداخلية حسب نظام الرقابة الداخلية، وللمساءلة الخارجية من قبل الجهات الرقابية المختصة، وجود سياسات وممارسات لدى الجهة العامة تضمن احترام حقوق الأطراف ذات العلاقة بأعمالها، من منسوبيها وأصحاب المصلحة، مع قيام الجهة العامة بتقييم مدى الامتثال والتقيد بتلك السياسات وضمان توافقها مع الأنظمة ذات العلاقة.
إلى جانب مبدأ القيادة عبر وضع استراتيجيات مستدامة ورسم السياسات والتوقعات من قبل الإدارة الإشرافية، بما يحقق المصلحة العامة ويتواءم مع السياسات العامة في الجهة العامة والدولة، ويعزز مبادئ الحوكمة الرشيدة، والعمل على الفصل بين المسؤوليات من خلال وجود مهام عمل واضحة لكل من الإدارة الإشرافية والمسؤول التنفيذي والمنسوبين، واختيار أصحاب الكفاءة والنزاهة والمصداقية والخبرة بما يضمن استقلاليتهم في أداء مهماتهم، دون التأثير في قراراتهم، وإيجاد آلية واضحة وشفافة لتعيين القيادات وتقييمهم.
تناط مسؤولية تطبيق الحوكمة العامة بالإدارة الإشرافية
كما تضم مبدأ الإفصاح والشفافية، عبر تعزيز شفافية الجهة العامة المتعلقة بسياساتها وقراراتها وإجراءاتها وخططها الاستراتيجية واستخدامها للموارد، مع وجود آلية واضحة لتصنيف المعلومات السرية، والإفصاح عن المعلومات العامة، وإيجاد قنوات تواصل فعالة مع أصحاب المصلحة من أجل تعزيز ثقتهم، ومبدأ الكفاءة وفاعلية الأداء، لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية المتاحة للجهة لتنفيذ مهماتها على الوجه المطلوب، والتأكد من أن البرامج والمشاريع تحقق الأهداف المرجوة بما يتوافق مع استراتيجيتها، ويحقق مبدأ الكفاءة وفاعلية الأداء، وذلك من خلال التخطيط السليم ووضع استراتيجية وأهداف قابلة للتحقيق والقياس، وإيجاد مؤشرات قياس الأداء للمتابعة وتقييم العمل.
ويأتي هذا الدليل الاسترشادي خطوة أولى لتحقيق الحوكمة الرشيدة في الجهات العامة، مما يستلزم معه إتاحة الفرصة للجهات العامة لتعزيز ثقافة الحوكمة السليمة، والتصحيح التدريجي، بما في ذلك توضيح الصلاحيات والفصل بين السلطات ووضع معايير أولية للأداء، وضمان كفاءة أنظمة الرقابة الداخلية وتقييم الأداء، فضلاً عن وضع جدول زمني يوضح مراحل التصحيح وتطبيق الحوكمة في الجهات العامة؛ إذ إن جميع ذلك يعد محققاً لتحسين مخرجات الجهة ورفع كفاءة أدائها، مما ينعكس على الأداء الكلي للاقتصاد الوطني.
وتناط مسؤولية تطبيق هذه الحوكمة العامة بالإدارة الإشرافية ابتداءً، ثم بالمسؤول التنفيذي والإدارة التنفيذية، ثم بمنسوبي وموظفي الجهة العامة، وعلى الجهة تحديد الوحدة أو الإدارة التنظيمية المعنية بتطبيق ما ورد في هذا الدليل من خلال الممارسات والإجراءات المتبعة في الجهة العامة، مع أهمية ارتباطها مباشرة بالإدارة الإشرافية أو المسؤول التنفيذي في الجهة أو من يفوض بناءً على مصفوفة الصلاحيات في الجهة العامة، حيث تعنى هذه الوحدة أو الإدارة التنظيمية بتقييم الوضع الراهن لحوكمة الجهة وتحديد ما تحتاج إليه من أدوات لتطبيقها بشكل واضح ومكتوب.
كما يجب أن تشتمل أدوات التطبيق على الضوابط والإجراءات ونماذج العمل، مع استمرار التقييم بشكل دوري ومنتظم، ووضع مؤشرات لقياس الأداء، وإعداد تقرير مفصل عن نتائج التقييم والمعوقات التي تواجه الجهة وسبل حلها؛ والرفع بذلك إلى الإدارة الإشرافية أو المسؤول التنفيذي بحسب الحال، وذلك لتعزيز ثقافة الحوكمة السليمة، والتصحيح التدريجي، الذي من شأنه تحسين مخرجات الجهة العامة ورفع كفاءة أدائها، الأمر الذي ينعكس مباشرة على الأداء الكلي للدولة.